موضوع: بين الحب والكراهيه خيط رفيع السبت مايو 15, 2010 10:15 am
بين الحب والكراهية خيط رفيع
تشير أحدث الدراسات إلى صلة وثيقة بين الشعور بالحب والشعور بالكراهية، فقد اكتشف العلماء، الذين يدرسون الطبيعة الملموسة لشعور الكراهية، أنّ الشبكات العصبيّة في دماغنا المسؤولة عن هذا الشعور هي نفسها التي تُستعمل خلال الشعور بالحب الرومانسي، على رغم أنّ الشعورين يبدوان ظاهريّاً نقيضين.
أجرت الدراسة ( نُشرت في الصحيفة الإلكترونيّة PloS ONE مسحاً ضوئيّاً للدماغ ، للتحقّق من نوع شبكات الأعصاب التي تنشط حين ننظر إلى صورة شخص نكرهه، وأثبتت أنّ " شبكة الكره" و" شبكة الحب" لديهما قاسم مشترك .
يعتبر المسؤول عن الدراسة سمير زكي أستاذ في جامعة كلّية لندن أن النتائج التي توصّل إليها البحث قد تفسّر السبب الذي يجعلنا نقوم بالتصرّفات المتطرّفة نفسها كالأعمال البطولية والأعمال الشريرة، في حالتي الكراهية والحب: " غالباً ما تعتبر الكراهية نوعاً من «الشغف الشرير» الذي يجب ترويضه ، والسيطرة عليه، واستئصاله بالكامل، لكن بالنسبة إلى علماء الأحياء ، الكره شغف مثير للاهتمام لأنه كما الحب: يبدو في الظاهر غير منطقي ويقود إلى ارتكاب أعمال بطوليّة أو شريرة" .
عمد المسؤولون عن الدراسة إلى نشر إعلانات يطلبون فيها متطوّعين للمشاركة فيها، واختير 17 شخصاً صرّحوا علناً عن كرههم العميق لفرد معيّن . اختار معظمهم حبيباً سابقاً، أو منافساً في العمل، علماً أنّ امرأة واحدة عبّرت عن بغضها الشديد لشخصيّة سياسيّة مشهورة.
حلّل زكي والعالم جون رومايا الشبكات العصبيّة الدماغيّة التي نشطت حين كان المتطوعّون يشاهدون صور الذين يكرهونهم. بعد الاختبار، اكتشف العالمان أنّ شبكة أعصاب الكره تشمل أجزاءً أخرى من الدماغ تُسمّى قشرة النواة العدسيّة والقشرة الدماغيّة، اللتين تقعان تحت قشرة المخ. من المعروف أنّ قشرة النواة العدسيّة تنشط في حالات الحقد والاشمئزاز، وقد تكون أيضاً جزءاً من الجهاز الحركيّ المتعلّق بالحركة والتصرّفات.
«تنشط قشرة النواة العدسيّة والقشرة الدماغيّة معاً في حالة الحب أيضاً، وقد تنشط الأولى في مرحلة التحضير للقيام بأعمال عدائيّة في إطار علاقة رومانسية، كما في الحالات التي يتعرّض فيها الإنسان لخطر خصمه»، يؤكد زكي، موضحاً : «أشارت دراسات سابقة إلى أنّ القشرة الدماغيّة قد تنشط عند إبداء ردّات فعل تجاه حوافز مزعجة. تُعتبر مثلاً رؤية وجه من نحبّ ومن نكره في آن موقفاً مزعجاً».
أمّا الفارق الأساسي بين الشعورين، فيكمن في واقع أنّ أجزاءً كبيرة من قشرة المخّ (المسؤولة عن إطلاق الأحكام والتفكير المنطقي) تصبح غير ناشطة خلال الحب، في حين يتوقّف نشاط منطقة صغيرة فحسب منها في حالة الكراهية. يفسّر زكي هذا الفارق، قائلاً: " يبدو ذلك مفاجئاً بما أنّ الكراهية قد تتحوّل أيضاً إلى شغف مدمّر كالحب. لكن في حالة الحب الرومانسي، لا يميل العاشق عموماً إلى انتقاد من يحبّ وإطلاق أحكام ضدّه؛ أمّا في حالة الكراهية، فلا مشكلة في ذلك، لأنّ من يكره يرغب في تطبيق حكمه ضدّ خصمه على أرض الواقع، من خلال احتساب خطوات لازمة لإيذائه وجرحه أو تنفيذ انتقامه. ما يثير الاهتمام، أنّ قوّة نشاط بعض التركيبات في الدماغ تجاه من نكره تبقى نسبيّة بحسب قوّة الشعور المعلن، ما يسمح بقياس الأخير بدقة"